روى البخاري و مسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن بالتراب أو إحداهن بالتراب)والروايتان صحيحتان، وفي لفظ: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب)، فيأتي من يقول: أي تراب هذا الذي تتكلم عنه في عصر الذرة والإنترنت، وعصر أتوبيس الفضاء ديسكفري، وفي عصر المنظفات تقول: نغسل الإناء بالتراب إذا ولغ فيه الكلب؟! فينكر العقل هذا الكلام النبوي صلى الله على صاحبه، بدعوى أنه لا يمكن على الإطلاق أن نقول ذلك، بل ربما ترى من أحبابنا وإخواننا من يستحلفنا بالله ألا نردد مثل هذه الكلمات؛ حتى لا نتهم بأننا ما زلنا نعيش في العصور الوسطى، وحتى لا نتهم بالتخلف والجمود والرجعية والتأخر.. إلى آخر هذه التهم المعلبة التي تكال لمن يتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل هذه الأحاديث. فيخرج علينا عالم إنجليزي -وما زال هذا العالم حياً يرزق، وهو من أعضاء اللجنة التي تمنح الزمالة البريطانية لمن يحصل على هذه الشهادة- ببحث علمي هائل ويقول: لقد اكتشفنا في مجال علم الطفيليات أن الكلب يفرز مع لعابه كماً هائلاً جداً من الجراثيم والميكروبات، تسبب أكثر من خمسين مرضاً. قال: واكتشفنا في الوقت ذاته أن القطط -التي قال في حقها النبي صلى الله عليه وسلم: (هن من الطوافين عليكم والطوفات)، ولم يشدد فيهن مثلما شدد في شأن الكلاب- لا تفرز في لعابها أيَّ نوع من أنواع الجراثيم، وما ينتج عن القطط من أنواع الأمراض إنما هو بسبب الجلد أو البراز، وليس من اللعاب. قال: فلما طهرنا الإناء الذي ولغ فيه الكلب بكل وأحدث ما وصل إليه العلم الحديث من المطهرات والمنظفات، وجدنا أن كل هذه المنظفات لم تقض على كل الجراثيم التي أفرزها الكلب في لعابه في هذا الإناء. قال: فجربنا ما بلغنا عن محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- وغسلنا هذا الإناء بالتراب مرة، قال: ثم نظرنا بعد ذلك في البحث العلمي وقمنا بالتجربة؛ فلم نجد أثراً لميكروب أو لجرثومة واحدة في هذا الإناء الذي طهرناه بالتراب! فمن الذي علم محمداً صلى الله عليه وسلم ذلك؟! أولم يقل ربنا جل وعلا: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4]. بل خذ هذا البحث العلمي الآخر، وهو في غاية الروعة والجمال: روى الإمام البخاري وأبو داود والترمذي وغيرهم بسند صحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم لينزعه، فإنه يحمل في أحد جناحيه داءً وفي الآخر شفاءً)، وفي لفظ صحيح: (دواء). (شفاء ودواء وداء). فقد اكتشف عالم ألماني يقال له: بريفلد من جامعة هال بألمانيا: أن الذباب حينما يسقط في السائل على أحد جناحين يفرز نوعاً من أنواع الجراثيم والميكروبات، ووجد أيضاً أن الذباب في الوقت ذاته يحمل على بطنه وعلى الجناح الآخر نوعاً من أنواع الفطريات سموه: (أميوزموسكي)، واكتشفوا أن هذا الفطر يحمل نوعاً من أنواع المواد المضادة للجراثيم والميكروبات التي تفرزها الذبابة حين تلامس السائل بجناحها الأول، بل وستعجب إذا علمت أنهم اكتشفوا أن جرامين اثنين من هذا الفطر يحمي ألفين لتراً من اللبن من الجراثيم! بل اعجب أنهم قالوا: ولا تفرز الذبابة هذه المواد المضادة التي تقضي على هذه الجراثيم والميكروبات إلا إذا غمست كلها في السائل!! فمن الذي علم الصادق الذي لا ينطق عن الهوى هذه الحقيقة العلمية التي لم تكتشف إلا في السنوات القليلة الماضية، مع أن الحبيب صلى الله عليه وسلم قد أخبر بها قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة، فلنعلم يقيناً أنه لا ينطق عن الهوى.